البحث عن الهوية

الصراع ين الهوية الوطنية والدينية؟
عادة ما تكون الهوية الوطنية جامعة اي ترعى وتحترم الهويات اﻻخرى ضمن الدولة الواحدة، كالهوية العرقية والدينية الخ..
هذا المفهوم الجمعي نراه في الغرب واضحا بينما مع ﻻسف في الدول العربية ودول العالم الثالث نراه مشوشا.
في الدول الغربية نجد المواطنون يتمتعون بحقوق كاملة يكفلها الدستور الذي يزكي اﻻفضل بغض النظر عن المعتقدات الدينية او السياسية او اﻻصول العرقية. بينما في دول العالم الثالث ﻻ يمكن ان تجد شخصا في منصب حساس لمجرد كونه مواطن لديه الكفاءة.
ان هذه الطريقة في التعامل تجعل الكثيرين في البلاد العربية يشعرون باﻻغتراب وهذا ما يضعف لديهم حس الانتماء للهوية الوطنية.
ان غالبية الدساتير والقوانين التي تحتكم اليها الدول العربية تنادي بان دين الدولة اﻻسلام، وبالتالي فان غير المسلمين في هذه الدول يعاملون على اساس انهم اهل ذمة، وبالتالي هم قانونيا مواطنو منقوصو الحقوق واقرب الى مواطنين من الدرجة الثانية.
فكيف يمكن لفرد ان ينتمي لدولة تهمشه، وتطلب منه في ذات الوقت ان يدافع عن وحدة وطن علمه يحوي عبارات او رموز تستقصيه ودستوره مستمد من كتاب يعتبره اهل ذمة؟
كان لي تجربة مع صديق من الجزائر. عانيت معه وانا احاول ان اقنعه بالعدول عما يعتبره نضاﻻ من اجل اﻻستقلال. وحكيت له خبرات من دول اخرى انقسمت كالهند والسودان مؤخرا.. وسقت له امثلة من علم اﻻقتصاد على مساوئ التفتيت للبلاد والمجتمعات.
وهذا الصديق هو مثال لكثيرين. انها جهود مهدرة وطاقات تعمل في اﻻتجاه الخاطئ- نحو التشرذم واﻻنقسام الذي ﻻ يخدم بلادنا باي حال.
ان الغرب ادرك ان الهويات الفرعية – كالهوية الدينية ﻻ تناقض باي حال الهوية الاساسية الجامعة اي الهوية الوطنية، لذلك اعطت الحرية للافراد في اعتقادهم. ومن جهته ادرك الفرد بان هيته الفرعية لن تحرمه من كامل حقوقه التي كفلها الدستور، فتمسك بهويته الوطنية. بمعنى ان اﻻرمني او الهندوسي .. في الدول الغربية ليس لديه قلق ان اعلن هويته الدينية او العرقية ﻻنه يدرك ان تلك الهوية ﻻ تتعارض مع الهوية الوطنية وان الدولة تحترم خصوصيته.

لذلك على حكومات الدول العربية التي تود المحافظة على هويتها الوطنية ان تعلم اطفالها في المدارس احترام اﻻخر بغض النظر عن افكاره او عرقه. وتعلم موظفيها ان المراكز اﻻدارية في الدولة توزع على اساس الهوية الوطنية وليس على اساس الهوية الخاصة. وان تدرك ان التنوع في النسيج الوطني مهم جدا. وبدونه تتحول الدولة الى مجرد عصابة عرقية او دينية غايتها ان ترهب اﻻخرين. وان تجاهلا لحقوق اﻻقليات يعني تقوية الروح اﻻقصائية العدائية وهد للاوطان. واﻻهم من ذلك ان تعلن في دساتيرها انها دول علمانية كما اعلن الغرب من قبلها ليؤكدعلى المفهوم الجمعي للهوية الوطنية.
الهوية الوطنية وصراع اﻻديان:

ﻻ احد يستطيع ان يحصي عدد الديانات في العالم، وﻻ تنوعها، وﻻ عدد الكتب التي تنشر ثقافتها وفلسفتها الخاصة للحياة والخلد.
كل ديانة لها نمطها الخاص من العبادة، ومع انها تتشارك جميع في عبادة الله . اﻻ ان الله ليس نفسه في كل العبادات كما ان تشارك اﻻشخاص في ذات اﻻسم ﻻ يعني انهم واحد.
هناك ديانات تعبد الها في السماء بغض النظر عن ذات هذا اﻻله او عن كونه ذاتا عاقلة او غير عاقلة. وهناك ديانات تعبد الها في اﻻرض قد يكون نباتا او جمادا . وهناك ديانات تعبد ارواح لكائنات ارضية ماتت، او تعبد ارواحا سمائية.
ومع ان معظم الدول سنت قوانين تكفل لمواطنيها الحقوق الدينية وتمنع الصراع الديني اﻻ انها لم تنجح. فباسم الدين طحن البشر بعضهم بعضا.. وباسم الدين داسوا انسانية اﻻنسان واذلوه كاحقر الحشرات.
سيبقى الصراع قائما ولن يحسم اﻻ بتبني الدساتير العلمانية التي تكفل حرية العبادة وتلزم الناس بسلطة القانون احترام بعضهم والتعايش تحت علم واحد كضرورة للبقاء.

أضف تعليق