قصة الفلسفة -٣

الوجودية فلسفة اشهر روادها سارتر. الذي كان يرى ان التعميم يعجز عن بيان اصالة المجتمعات البشرية كذلك هو عاجز عن بيان اصالة الفرد. ويضرب مثلا بوضع العامل في مصنع. فالعامل عندما يبيع قوة عمله في المصنع، ﻻ يتحول لشئ. ان له وجوده الخاص، ووجوده في المصنع يؤثر فيه بالقدر الذي يؤثر فيه.
اﻻلتزام بالنظرة الاحادية يفضي الى وحدة استاتيكية، بينما المفروض ان الوحدة في طريقها الى التوحيد دون ان تتوحد. ومعنى ذلك ان الوحدة ينبغي ان تكون في حالة تمزق متواصل والسبب في هذا التمزق مردود الى تداخل الذاتية مع الموضوعية.

الذاتية مردودة الى الانسان والموضوعية الى الوسط. والمشروع هو ما يحتاج اليه اﻻنسان. ﻻ يشترط تدمير الوسط ولكنه ارادة التغيير. والتغيير ينصب على ماذا؟
اﻻنتاج! وهذا يستوقفنا. هل كل ما يفكر فيه اﻻنسان احتياجات مادية فقط. ام ان هناك جانب روحي او معنوي اغفله سارتر؟!.
ويكمل سارتر. اﻻنتاج هو الطريق ﻻشباع حاجة اﻻنسان.
ونحن من جانبنا نقول هذا يتم على الجانب الجسدي فقط. ويبقى الجوانب الاخرى التي رسمها ماسلو في هرمه الشهير. كالحاجة الى اﻻمان والحب والتقدير.
اﻻ ان سارتر يقع في مغالطة اخرى. او هي معلم من معالم المجتمعات، التي ﻻ يمكن تحديدها. اﻻ وهي قوله “ان اﻻنتاج ﻻبد ان يكون في مستوى اقل من مستوى الحاجة، واﻻ انعدم قيام المشروع، وبالتالي وجود اﻻنسان”.
وهذا ﻻ نلاحظه في المجتمعات المتقدمة المعاصرة وﻻ في الحضارات المزدهرة القديمة التي توفرت فيها او يتوفر عناصر الرخاء ورغم ذلك نرى ذلك ﻻ يمس المشروع وﻻ الوجود اﻻنساني. فهناك نقطة تم اغفالها عمدا ، اﻻ وهي صفة الطموح والتي تميز الكائن البشري. وربما اغفلها سارتر عمدا ، ﻻن الطموح المادي يرافقه نزعة روحية ﻻ تقل عنه ان لم تتجاوزه في اﻻنسان وهي النزعة الى اللا محدود، اي الله.
ويفسر سارتر وجود الصراع اﻻنساني بوجود ندرة اﻻنتاج. الصراع اذن هو محصلة المشروع والوسط. والتداخل بينهما يمنع كلا من الموضوعية والذاتية من ان تكون مطلقة.
اذن اين موقع الذاتية من الموضوعية؟
يجيب سارتر بان الذاتية هي حد بين لحظتين من لحظات الموضوعية. ولهذا تكون وظيفة الذات تغيير الموضوعية من اجل تاسيس موضوعية جديدة. وهذا يمثل مغالطة. فالتغيير ﻻ يمثل قيام الذات، واﻻ وصفنا الذات بانها متقلب وغير قانعة وهذا شئ مرهق، فلابد من نزعة الى اﻻستقرار او الثبات ايضا حتى يحدث التوازن في النفس البشرية.
ويكمل سارتر بان التاريخ هو اﻻبداع البشري. واﻻبداع ضد الحتمية التاريخية التي نادت بها الماركسية. وسارتر يرفض ذلك ﻻنه ضد الطبيعة الديالكتيكية للتاريخ.

أضف تعليق